أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 5 سبتمبر 2013

مصير السودان المشتعل

السودان من اكبر الدول العربية والاسلامية على الاطلاق فمساحتها تقدر بحوالى 2 ونصف مليون كم اى انها مثل مساحة مصر مرتان ونصف غير ان عدد سكانها لايتجاوز ال 41 مليون نسمة وهم عبارة عن قبائل عربية تسكن الشمال وتعتنق الدين الاسلامى وقبائل افريقية وثنية الى جانب نسبة بسيطة من المسيحيين واخرى من المسلمين يسكنون الجنوب وتعتبر أرض السودان من أخصب الاراضى فى محيط الكرة الأرضية بلا منازع سوى الأرجنتين فى امريكا الجنوبية و يطلق عليهما ( السودان والارجنتين) سلتا غذاء العالم حيث تقع السودان فى حوض النيل والارجنتين فى حوض الامازون

وقد كانت السودان كغيرها من دول افريقيا مطروحة على مائدة مفاوضات مؤتمر برلين الاستعمارى عام 1884 والذى عقدته دول اوروبا لتقسيم القارة السمراء فيما بينهم وقد كانت السودان كمصر وغيرهما من الدول من نصيب الاحتلال الانجليزى وبالفعل احتلتها انجلترا عام 1899 ومازال المسلمون الصوفيون يشعلون نار المقاومة فى جسد الاحتلال الانجليزى الغاشم على مدار فترة اقامته البائسة فوق الارض السودانية حتى لم يعد قادرا على المقاومة اذ قرر الرحيل عام 1956بعد 57 عاماً من احتلال السودان

وكما نعرف جميعا اسلوب الاستعمار حين يقرر الرحيل عن مستعمرة ما فانه لابد وان يترك مزيد من العقبات امام الدولة الناشئة حديثاً قبل ان يرحل عنها يفعل ذلك من اجل ان يضمن تبعيتها له حتى وان كان فى الجانب الاخر من البحر وهذا ما فعلته انجلترا وفرنسا واسبانيا وغيرها من دول الاستعمار الاوروبى على كافة اشكاله فى القارة السمراء قبل رحيلهم عنها فى الخمسينات والستينات من القرن الماضى ولايعدو اى نزاع قام ومازل قائما وسوف يقوم فى المستقل بين دول القارة السمراء بما فيها الدول العربية الا ان يكون لغما ذرعه الاحتلال قبل رحيله فهو على وشك الانفجار فى اى وقت وهذا ما قد حدث ويحدث وسوف يحدث الى ان يقضى الله امرا كان مفعولا


وما فعلته انجلترا فى هذا الشأن بدولة السودان الناشئة بعد رحيل الاحتلال عنها عام 1956 ان حرضت الجنوب السودانى الافريقى العرق الوثنى الديانة على الانفصال بدولة مستقلة عن الشمال السودانى العربى العرق المسلم الديانة وبالفعل بدأت حركات الانفصال فى التحرك على الارض حتى قبل ان يرحل الاحتلال وذلك عام 1955 وهى المشكلة التى مازالت قائمة وخلفت ورائها حوالى المليون قتيل من ابناء السودان الشقيق على مدار حوالى 50 سنة من القتال المسلح الضارى بين ابناء البلد الواحد حتى انتهت اخيراً بانفصال الجنوب فى استفتاء قسرى عام 2011 بتخطيط بدأته انجلترا وانهته امريكا وريثه انجلترا فى مستعمراتها السابقة 


مشكلة جنوب السودان 
-----------------------

بدأت مشكلة جنوب السودان عام 1955 عندما خطط وحرض وساعد ومول الانجليز الجنوب السودانى على الانفصال بدولة مستقلة عن الشمال وجدير بالذكر ان جميع مقومات الدولة متوفرة لدى الجنوب من مساحة واسعة حيث تبلغ مساحته حوالى 700 ألف كم اى ما يقرب من مساحة مصر ويسكنه حوالى 6 مليون نسمة وفى بعض الاحصائيات 9 مليون نسمة 65% منهم وثنيون يعبدون الاصنام وغيرها من اوثان افريقيا حيث ان معظم قبائل الجنوب ذات اصول افريقية و18 % منهم مسلمون و17% منهم مسيحيون والجنوب السودانى غنى جداً بالبترول حيث يوجد حوالى 80% من بترول السودان كلها فقط فى الجنوب وكذلك فان جميع اراضى الجنوب صالحة للزراعة اذ لايوجد به صحراء قط واذ يمر به فرع النيل الازرق القادم من اثيوبيا باتجاه الشمال السودانى ليلتقى هناك بالنهر الابيض ويكملا مسيرهما نحو الاراضى المصرية



كما ذكرت بدأت الحرب الأهلية عام 1955 بين الجنوب الساعى للانفصال والشمال المتمسك بالوحدة ومازلت انجلترا تمول الجنوب بالسلاح ليواصل قتاله ويستقل بدولته من اجل اضعاف هذا البلد الشاسع المساحة الغنى بالثروات وايضاً نكاية فى مسلمى الشمال السودانى والمسلمون عموما فى اقطار الارض وتميزت الحرب بضراوتها وعنفها الشديد واسفرت عن قتلى لاحصر لهم حتى توقفت عام 1972 بهدنة عقدها جعفر النميرى الرئيس السودانى اَنذاك مع القبائل المسحلة فى الجنوب من اجل وقف نزيف الدم السودانى المنساب كشللات منذ بدأت الحرب قبل 17 عاماً من اعلان الهدنة


ثم قام جعفر النميرى بعد ذلك بتقسيم الجنوب بين القبائل الى 3 ولايات حتى لا تستأثر قبيلة واحدة بمقدرات الجنوب ولم ترض القبائل بهذا التقسيم فقامت فرقة مسلحة من الجنوب بمهاجمة الشمال ومن ثم استئنفت الحرب الأهلية مرة اخرى عام 1982 بعد ان توقفت 10 سنوات وذلك بعد الهدنة واستمرت رحى الحرب دائرة بين الطرفين تلقى بظلالها العكر ودمويتها البغيضة فوق الارض السودانية حتى انتهت عام 2005 فى عهد عمر البشير بعقد اتفاقية مشئومة بين الشمال والجنوب جاء ضمن نصوصها الأتى :

1- يكون للجنوب السودانى الحق فى تقرير مصيره بالانفصال بدولته عن الشمال باستفتاء شعبى خلال 6 سنوات من تاريخ توقيع الاتفاق

2- يحتفظ الجنوب بجيشه المسلح 

3- تقسم عائدات النفط المستخرج من الجنوب السودانى مناصفة بين الجنوب والشمال خلال ال 6 سنوات قبل استفتاء تقرير المصير المزمع اجرائه عام 2011 على ان تؤول كامل عائدات النفط الى الجنوب السودانى حال الانفصال


ولا يخفى ما تضمنته الاتفاقية من غبن وجور تحمله السودان اولاً ثم الشمال السودانى فى المقام التالى وذلك لأن :

1- هذا الاتفاق يعتبر اتفاق انفصال للجنوب مؤجل ل 6 سنوات مستقبلاً فما كان جدوى الحرب الشمالية ل 50 سنة وما جدوى سقوط مليون سودانى خلال تلك الفترة 

2- حققت الاتفاقية ما خطط له الانجليز من انفصال الجنوب بدولة مستقلة تقتطع 700 الف كم من مساحة السودان الموحد وتستأثر وحدها ب 80% من نفط السودان يوزع على ما يقرب 5 مليون سودانى فى الجنوب بينما لا يبقى سوى 20% من النفط السودانى يوزع على ما يقرب من 35 مليون سودانى يسكنون الشمال 

3- يعتمد الشمال السودانى على مياة النهر بنسبة حوالى 77 % وبتلك الاتفاقية سيطرت دولة الجنوب على مياة النهر الازرق القادم من اثيوبيا والذى يغذى النيل ب 85 % من مياهه بجانب 15 % قادمه من وسط افريقيا فيما يعرف بالنهر الأبيض وبذلك تكون دولة الجنوب قد تحكمت فى شريان الحياة بالنسبة للشمال السودانى وكذلك لنا كمصريين وربما نعرج على مسألة المياة تلك فى حديث اخر 

4 - هذه الدولة الوثنية الناشئة فى الجنوب ستعد مرتعاً لاجهزة المخابرات العالمية ترصد منها العالم العربى خاصة والقارة السمراء فى المجمل وتحدث به القلاقل والاضطرابات مما يهدد التنمية فى هذا الجزء من العالم كما تفعل تماما دولة اليهود فى فلسطين المحتل 

5 - بانفصال الجنوب السودانى ستثور اقاليم اخرى فى المنطقة مطالبة بالاستقلال والانفصال اسوة بما حدث مع الجنوب المنفصل حديثاً بعد حرب دموية دامت 50 عاماً وقد حدث بالفعل فى اقليم دارفور وما حدث فى مصر من محاولة الصعيد الانفصال وما تنادى به القبائل السيناوية فى مصر وغير ذلك من اكراد العراق وشيعتها والمثل فى ذلك كثيرة



وبالفعل مع حلول عام 2011 تم الاستفتاء على انفصال الجنوب السودانى برعاية امريكية وخرجت نتيجة الاستفتاء لتعلن قيام دولة الجنوب السودانى الوثنية المستقلة وعاصمتها جوبا وتحمل فى جعبتها من المخاطر ما لا يعلم عواقبه سوى الله واظنها ستحل محل الدولة الصهيونية فى القيام بدور صانع الفتن والازمات ومحرك الفوضى والاضطرابات التى تنال من جهود التنمية والاستقرار السياسى والاقتصادى فى المنطقة المشتعلة على الدوام خاصة بعقيدتها الوثنية الى جوار قلاع الاسلام العربية


وليست هذه الجريمة الوحيدة التى منى بها السودان العربى المسلم الشقيق من وراء خبث الاحتلال الانجليزى ولو انها كانت وحدها لكفت ولكن هيهات ان يحدث ذلك فالهدف هو التفتيت الكامل للسودان الشاسع المساحة ليصبح دويلات صغيرة متنازعة يفنى بعضها الببعض مع مرور الوقت ولا تقوم لهذا البلد قائمة فى سجل التاريخ مرة اخرى فهناك فى الغرب السودانى نار مؤصدة حيث يقع اقليم دارفور المتمرد والمنادى بالانفصال عن الدولة السودانية



مشكلة اقليم دارفور 
--------------------



معنى دارفور : فور هى قبيلة افريقية تسكن الاقليم منذ القدم وهى من اكبر قبائل افريقيا  وقد اخذ الاقليم اسمه من اسم تلك القبيلة والمعنى ( ديار فور ) 

ومساحة الاقليم حوالى 1\2 مليون كم اى ما يقرب من نصف مساحة مصر ويسكنه حوالى 6 مليون نسمة كلهم مسلمين فنسبة الاسلام فى دارفور 100 % وهم من اشد القبائل الافريقية تمسكاً بالاسلام و80% منهم من اصول افريقية يعيشون على الزراعة و 20% منهم من اصول عربية يعيشون على الرعى 

ويوجد حوالى 15 % من بترول السودان فى هذا الاقليم وهذا يعنى انه اذا ما انفصل هو الاخر عن السودان بعد انفصال الجنوب ب 80% من البترول يصبح السودان المتبقى الذى هو الجزء الشمالى المسلم خالى تماما من البترول الا من 5 % لا تسمن ولا تغنى غير ان اهم ثروات الاقليم سوى البترول هو اليورانيوم فاقليم دارفور غنى جدا بعنصر اليورانيوم والجميع يعلم اهمية ذلك عالمياً



وتاريخياً اقليم دارفور كان دولة مستقة ذات سيادة ولم يكن ابداً ضمن اراضى الدولة السودانية حتى قام الاحتلال الانجليزى بضمه الى داخل الحدود السودانية عام 1917 وذلك حين أعلن السلطان على بن دينار اخر حاكم لدولة دارفور المستقلة تأيده للدولة العثمانية ( رجل اوروبا المريض ) فى الحرب العالمية الأولى وكانت تحارب ضد انجلترا فانتقم الانجليز منه لتأيده هذا وقاموا بضم الاقليم الى السودان المحتل أيضاً أنذاك من انجلترا



وما ان رحل الاحتلال الانجليزى عن السودان عام 1956 حتى قامت القبائل فى الاقليم ونادت بالاستقلال عن السودان وحقها فى انشاء دولتها المستقلة التى الغى الاحتلال سيادتها وضمها عنفاً للسودان وبالطبع رفض السودان طلب الاستقلال ومن ثم اندلعت المعارك بين القبائل فى الاقليم والجيش السودانى فى الشمال ولم تخل القضية من ايادى قذرة تمول بالسلاح وتحرض وتضغط وتشعل نار الحرب الأهلية التى كانت لاتزال رحاها دائرة فى الجنوب وربما كان تمرد الاقليم احد اسباب عقد اتفاق الخرطوم الذى تسبب فى انفصال الجنوب حيث الضغط كان قوياً على الحكومة السودانية وامكاناتها العسكرية فضلاً عن الاقتصادية لم تسعفها فى مواصلة الحرب على الجبهتين فاضطرت الى الموافقة على استقلال الجنوب لترى ما يجب ان تفعله بشأن التوتر القائم فى الغرب حيث القبائل المتمردة منادية بالانفصال



هكذا يااخوانى كانت مؤامرة الاحتلال الانجليزى السافر على السودان العربى المسلم والتى أدت فى النهاية وبعد اكثر من 50 سنة الى تقسيم السودان الى دولتين شمالية مسملة وجنوبية وثنية ومازلت خيوط المؤامرة تجوب السودان جنوباً وشرقاً وغرباً والله وحده يعلم ما سيؤول اليه حال هذا البلد فى المستقبل المنظور وجدير بالذكر ان الاحتلال الانجليزى خاصة والغربى بصفة عامة يضع الخطط ويعمل على تنفيذها دون تعجل ولا ينتظر نتائج قريبة وانما ينتظر نتائج مؤكدة حتى وان طال عليها الزمن وشرقت بها السنون وغربت ولم لا وهناك قاعدة ثابتة فى العقلية البريطانية المخططة للاحتلال منذ القدم تقول (Slow but sure ) _ بطىء ولكن اكيد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

Translate