أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 6 سبتمبر 2013

النيل مش نجاشى

المشكلة هى مشكلة مياة النيل وحصة مصر التى أصبحت لاتلبى حاجات السكان من المياة ذلك مع وجود اتجاهات اقليمية ودولية لخفض تلك الحصة مما يعنى الهلاك ل 90 مليون مصرى
تلك المشكلة فى ظاهرها تخص مصر فقط ولكن ببعض التدقيق البسيط نلاحظ انها تخص العالم بأسره من افريقيا الى اوروبا وامريكا وحتى اسيا فلها تداعيات على العالم بأسره


وفيما لو حدث ذلك وهو حادث لامحالة عما قريب وكما قلت أن نذره بدأت تلوح فى الأفق فلن نسمح نحن المصريين للعالم بأسره أن يهلكنا ونظل نحن فى وضع المتفرج البائس بل سنعلنها حرب عالمية ثالثة لا تبقى ولا تذر
تلك المشكلة قديمة لكنها ما تلبث أن تسكن حتى تعاود الظهور مرة أخرى على السطح وهذه المرة وعلى ما يبدو أنها لن تسكن وانما خرجت لتفرض نفسها كمشكلة لابد من أن نجد لها حلاً جذرياً والا فهى الحرب

ولادراك المشكلة بعمق يجب الرجوع الى بعض التفصيل والغوص فى جذور الأزمة وهذا ما سأنتقل اليه الأن


نهر النيل 

أطول أنهار العالم الأن ( ولم يكن كذلك فيما مضى ) هذا مرده أن النهر يزيد فى الطول بمرور الوقت من منطقة المنابع ويبلغ طوله الأن حوالى 6695 كم
ولعل الجميع يعلم أن دول حوض النهر ( وهى الدول التى يمر بها النهر من المنبع حتى المصب ) 
لعلكم جميعا تعلمون أن دول حوض النهر هى 10 دول 8 هم دول المنبع أى التى ينبع منها النهر و2 هما دولتا المصب اى التى يصب فيهما النهر 

ودول المنبع الثمانية هم ( بروندى _ تنزانيا _ رواندا _ أوغندا _اثيوبيا _ كينيا _ اريتريا _ الكونغو ) 

ودولتى المصب هما ( مصر _ السودان )


مسيرة النهر من المنبع حتى المصب 

ينبع النهر من وسط افريقيا من دولة بروندى بالتحديد من نهر يسمى نهر كاجيرا هو الذى يمد نهر النيل بالمياة 
ويظل النهر سائراً حتى يخرج من بروندى ليمر بتنزانيا ورواندا ثم يدخل بحيرة فكتوريا وهى أكبر بحيرة للمياة العذبة فى افريقيا وثانى أكبر بحيرة للمياة العذبة فى العالم بعد واحدة فى امريكا 
وحول بحيرة فكتوريا توجد دولة أوغندا التى يمر بها النهر ثم يسير فى بحيرة فكتوريا ويخرج منها متجهاً نحو الشمال باتجاه مصر فيلتقى فى الشمال بنهر يسمى نهر سيميلكى وهو نهر يأتى من الكونغو يتعانق النهران هناك ويسيرا فى مجرى واحد يظل سائراً حتى يمر بالسودان تحديداً عند الخرطوم وحتى هذه المحطة يطلق على نهر النيل مسمى النهر الأبيض

وعند الخرطوم يلتقى النهر الأبيض بالنهر الأزرق ( النيل الأزرق )

والنيل الأزرق يأتى من اثيوبيا وكينيا واريتريا ويظل سائراً حتى يلتقى النيل الأبيض عند الخرطوم فيلتحما هناك ويسيرا فى مجرى واحد وعند تلك اللحظة يطلق على النهر بشقيه الأبيض والأزرق لفظ ( نهر النيل )

وجدير بالذكر أن لفظ النيل الأزرق قد أطلق على فرع النيل الذى يأتى من اثيوبيا وكينيا واريتريا لأن مياهه تكون داكنة اللون نظراً لكثرة الطمى بها ثم يستمر النهر بعد ذلك فى مسيره ويخرج من السودان متجهاً نحو أرض الكنانة مصر وينهى مسيره هناك ليصب فى البحر المتوسط



بداية تنظيم مياه النهر وتوزيع الحصص 

منذ أن وجد النهر ليبعث الحياة فى قارة افريقيا وحتى قبل عام 1929 لم يكن هناك خلاف حول مياهه بل لم يكن هناك حتى مجرد كلام او اشارة حول النهر اذ لم تكن هناك حاجة لمياه النهر الكثيرة لاسيما وعدد سكان دول الحوض جميعا لم يتجاوز اَن ذاك عدد سكان دولة واحدة منهم مثل مصر الأن

غير انه ومع ازدياد عدد السكان فى الاعوام الاخيرة زيادة بالغة بدأت تثور مشكلة المياة وعجزها عن سداد احتياجات السكان 
أضف الى ذلك أطماع الدول الاستعمارية والدول أصحاب المصالح فى المنطقة والتى تريد بالأساس التضييق على مصر خصوصا كدولة استراتيجية فى المنطقة مقابل الحصول منها على بعض التنازلات فى مجالات سياسية واقتصادية وربما اجتماعية ودينية وهذه النقطة خصوصا تتأكد حين نعلم أن جميع دول المنبع الثمانية دول استوائية تهطل فيها الأمطار طوال العام ولديها بحيرات وأنهار أخرى أى أنها ليست فى حاجة الى مياه النهر من الأساس ثم تجدها تثير مشكلة توزيع مياه النهر وتريد تغيير اتفاقات سابقة حددت تلك الحصص وصدقت عليها تلك الدول هدفها الاساسى تخفيض حصة مصر من مياه النهر دون مبرر من حاجة لمياه أو غيرها اللهم الا سعيها لتنفيذ مخططات دولية واقليمية تهدف لتضييق الخناق على مصر ولى ذراعها بشريان حياتها مياه النهر


وجدير بالذكر أن دولتى المصب مصر والسودان تعتمدان على مياه النهر اعتماداً يكاد أن يكون كلياً لندرة مصادر المياة بهما ماعدا مياه النهر ولك ان تتبين مدى اهمية مياه النهر بالنسبة لدولتى المصب اذا عاينت النسب التالية :

السودان تعتمد على مياه النهر لسد 77% من حاجاتها الى المياة 
مصر تعتمد على مياه النهر لسد 97% من حاجاتها الى المياة و 3% من الأبار 

هذه هى النسب واليك الحكم فى حين لا تعتمد دول المنبع على مياه النهر بتاتا للاسباب المشار اليها سابقاً وما حديثها عن مياه النهر واعادة توزيعها سوى مزايدات لصالح اليهود ومن خلفهم بلاد العم سام


وفى عام 1929 تم عقد معاهدة لتنظيم مياه النيل وتوزيعها الى حصص بين دول الحوض وتلك أول معاهدة بهذا الشأن 
وكانت انجلترا هى التى عقدت تلك المعاهدة بين دول الحوض اذ انها كانت تحتل معظم تلك الدول اَن ذاك لكن العاهدة تم توقيعها باسم حكومات دول الحوض وليس باسم المستعمر الانجليزى لذا فهى ملزمة لتلك الدول لأنها وقعت من حكوماتها 

ومن ضمن نصوص تلك المعاهدة ما يلى :

1- يدخل السودان سنويا ما مقداره 83 مليار متر مكعب من مياه النهر تحصل مصر منها على ما يعادل 55 مليار متر مكعب سنويا وباقى الحصة يخص السودان 

2- لا يمكن اقامة سدود أو مشروعات على النهر إلا باجماع جميع دول الحوض ( أى أن كل دولة تمتلك حق الفيتو فى منع اقامة اى سد أو مشروع على النهر ومصر من بين تلك الدول مصر)

وفى عام 1959 فى عهد عبدالناصر تم تأكيد المعاهدة مع السودان لتثبيت تلك الحصص
وفى السبعينات تم تأكيدها مع اثيوبيا 

والمعاهدة بهذا الشكل ملزمة لكل دول الحوض ومنطقيا هى معاهدة عادلة تماما لحاجة مصر الى مياه النهر بالنسبة المشار اليها سابقا مقابل استغناء جميع دول الحوض عن مياه النهر كذلك للاسباب المشار اليها سابقاً



يد أمريكا واليهود فى مشكلة مياه النيل 

فى السبعينات قدمت أمريكا لاثيوبيا دراسات قابلة للتنفيذ بأموال أمريكية ل 26 مشروع سد على النهر الأزرق ونهر عبارة وهذا نهر يخرج من اثيوبيا ويصب أيضاً فى نهر النيل 

والسؤال المحورى هنا 
لماذا تركز امريكا على اثيوبيا على وجه الخصوص من بين دول المنبع الثمانية ؟

والجواب أن أمريكا توجه نظرها صوب اثيوبيا خصيصاً لأن :

1- النيل الأزرق الذى ينبع منها كما ذكرنا مسبقاً يمد نهر النيل بحوالى 85 % من مجموع مياه نهر النيل أى أنه بدون النهر الأزرق لاوجود لنهر النيل فلو أنه تم تعطيل مجرى النيل الأزرق بمشروعات السدود تلك فهذا كفيل بجفاف الأراضى المصرية تماما وهلاك نسلها وزرعها _ تلك واحدة 

2- الحكم فى اثيوبيا نصرانى ونسبة المسلمين فيها تساوى 65% من السكان فتخشى امريكا من تحول الحكم فى اثيوبيا الى حكم اسلامى نظراً لنسبة المسلمين المتقدمة جداً هناك ومن ثم ان حدث فهذا يعنى تأمين مصادر المياه المصرية وعليه تفقد امريكا ورقة ضغط تعتبرها وهى محقة فى ذلك أقوى أوراق الضغط على الحكومات المصرية المتعاقبة

وجدير بالذكر هنا أن اثيوبيا دولة ذات كثافة سكانية اى انها لها ثقل ديمغرافى يعادل تقريبا ثقل مصر وليس هذا متوفراً فى غيرهما من دول الحوض حيث أن عدد سكان اثيوبيا حوالى 76 مليون نسمة وكذا حملات التبشير بها قوية جداً نظراً لنسبة المسلمين المرتفعة جدا هناك 
فامريكا تعمل جاهدة على كسب تلك الدولة فى صفها لتباشر بها الضغط على جميع دول الحوض العشرة ومن اجل هذا فالجالية الاثيوبية فى امريكا قوية وثرية ومستقرة ولها تأثير عظيم فى اتجاه تنامى العلاقات الامريكية الاثيوبية وليس هذا المسعى منها او تلك المكانة التى تحتلها داخل امريكا وليد الصدفة انما هى المصلحة

وبشأن الدور اليهودى فى المشكلة فهو لايختلف كثيراً عن نظيره الامريكى بل يكادا ان يكونا متطابقين فكما نعلم جميعا ان مصالح اليهود ولا عجب لا تنفك تتلاقى مع مصالح امريكا او ربما تكون هى هى نفس المصلحة فى شكل ثنائى وبدرجات متفاوتة غير انهما لا تنفكا تتماثلان فى اللون الاسود والرائحة المقززة

أقول بعد قيام دولة اليهود المشئومة على أرض فلسطين الحبيبة عام 1948 عقب انسحاب المستعمر الانجليزى سبب جميع أوجاعنا الماضية والحالية اعترفت امريكا بها بعد دقائق من اعلانها ثم تبعها الاتحاد السوفيتى فى اليوم التالى مباشرة ثم توالى الخونة يفعلون مثلما فعل أسيادهم 
وانشغلت اسرائيل بجلب اعترافات الدول الكبرى فى العالم خلال 9 سنوات من عام 1948 وحتى عام 1957 
وفى عام 1957 تحررت غانا وفى نفس شهر التحرر اقامت اسرائيل اول سفارة لها فى اكرا بغانا واعترفت اسرائيل بغانا كأول دولة تعترف بها دولة مستقلة ذات سيادة


ومنذ عام 1957 وحتى عام 1973 اقامت اسرائيل ما يقرب من حوالى 25 علاقةمع دول افريقية وبالطبع كل هذه الدول جنوب الصحراء الكبرى حيث ان شمال الصحراء الكبرى كلها دول عربية ناصبت اسرائيل العداء حتى حين 

وبعد حرب اكتوبر المجيدة رأت دول افريقيا الفقيرة وحدة الدول العربية وانبهرت بها فغيرت تعاملها طمعاً فى نفط الخليج وقطعت 20 دولة افريقية علاقتها باسرائيل 

وفى عام 1991 عقد مؤتمر مدريد للسلام فعادت علاقات دول افريقيا باسرائيل كما كانت والأن كل دول افريقيا فى علاقات جيدة مع اسرائيل 

ذكرت ذلك لأوضح دور اليهود وتوجههم نحو افريقيا لخنق الدول الاسلامية والعربية لاسيما مصر والسودان بمشكلة المياة ثم باقى الدول الاخرى بما شابه ذلك من معضلات


ولا شك فى أن اقبال الافارقة على توطيد علاقاتهم باليهود تم بدوافع المصلحة فمصالح الافارقة مع اليهود كثيرة نذكر منها : 

1- المصالح السياسية ( تتمثل فى دعم اللوبى الصهيونى حول العالم للمصالح الافريقية فى اقطار الدنيا )

2- المصالح الاقتصادية ( تتمثل فى مشاريع تنمية داخل دول افريقيا بأموال يهودية )

3- تجارة الماس مع سلطات دول افريقيا ولا شك انها من اهم المصالح المشتركة للطرفين فالماس لعبة اليهود المحببة والافارقة لا يعنيهم سوى المال وتعد سيراليون والكونغو من اكثر دول العالم تصديرا للماس وخصوصا لبلجيكا المتخصصة عالمياً فى اعادة تصنيعه 

كل تلك المصالح والعلاقات بين اليهود والافارقة يجعل يد اسرائيل القذرة قريبة جداً من مشكلة مياة النهر خصوصا والمتضرر الوحيد منها مصر التى تعدها اسرائل العقبة الكئود فى سبيل تحقيق اطماعها فى المنطقة فان هى استطاعت لى ذراع مصر بمسألة المياة فستستطيع احداث الفارق التى طالما سعت اليه منذ قيامها وحتى الأن غير انها وقفت عاجزة امام هيمنة وصمود الخالدة مصر الكنانة



فى النهاية وبناء على العرض السابق أستطيع أن أقول :

1- مصر بدون مياه النهر هى صحراء قاحلة لامفر من ذلك وأى نقص فى حصتها من مياه النهر خصوصا مع الزيادة الهائلة فى تعداد السكان فى السنوات الاخيرة سيسبب كارثة لا خلاص منها سوى الدفاع عن حقها فى حصتها من مياه النيل (بكل الوسائل )

2- امريكا واسرائيل وغيرهما من اطراف اقليمية ودولية تصر على أن تحرم مصر من حصتها من مياة النهر وتتخذ فى ذلك ذريعة تنمية افريقيا والنهوض بالجنس الاسود أو كما يحلو لهم ان يسموا غزوهم لافريقيا ب ( رسالة الرجل الأبيض الى العالم الملون ) 

3- هناك حول ضفاف النهر تتلاقى مصالح دول عديدة حول العالم تتنوع تلك المصالح بين السياسية والاقتصادية وربما الدينية وجميع النوايا فيها سوداء سوى مصر التى تبحث فقط عن حقها وتدافع عن وجودها 

4- هناك معاهدات ملزمة لدول حوض النهر تنص على حصة مقدرة ومعينة تصل مصر سنويا من مياه النهر وتم تأكيدها كما ان تلك المعاهدات تنص على حق فيتو لكل دول الحوض فى حال ارادت اى دولة اقامة مشروع او سد على النهر 

5- قواعد القانون الدولى المتعارف عليها والتى تقرها دول العالم أجمع تنص على أن أى اخلال بنص معاهدة ملزمة لاسيما تلك المعاهدات المتعلقة بحياة الشعوب ومستقبل أبنائها يعنى إعلان حالة الحرب

6_ نحن المصريين وبخصوص مياه النيل التى هى شريان حياتنا ونبض قلوبنا ليس لدينا خيار حال نقض أى دولة لنصوص معاهدات تقسيم وتوزيع حصص مياه النهر سوى أن نخرج للقتال غير اَ بهين لعواقب اقليمية أو دولية فليس بعد الموت عقوبة 

7- الأن على جميع الدول الحكيمة نزع فتيل الأزمة المشتعل حفاظاً على سلامة لا أقول مصر أو افريقيا فقط بل أقول العالم أجمع فمياه نهر النيل أقولها قاصداً متعمداً ستجر العالم نحو الحرب العالمية الثالثة 

8- لنتذكر جيداً أن الحرب المستقبلية جميعها ستدور ليس حول أبار النفط كما هو الوضع الأن وانما حول أبار المياه
























ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

Translate